الصدمات النفسية هدية الأطفال في العام الجديد
هل تستطيع أن ترى زهوراً تذبل في مكانها وتموت دون
أن تسقيها جرعة من الماء ؟! مؤكد أنك ستشعر بالأسف حينها ؟ وماذا إذا علمت أن هناك
مئات الأطفال الفلسطينيون يذبلون يومياً ويعانون من الصدمات النفسية
!
والدليل على ذلك تأكدي الدكتور سمير قوته، أستاذ علم النفس في الجامعة
الإسلامية، " للشرق الأوسط"، أنه حدث ارتفاع كبير في عدد أولياء الأمور الذين
توجهوا لمراكز الصحة النفسية في القطاع للاستفسار عن كيفية معالجة أعراض التدهور
النفسي لدى أطفالهم، الناجم عن أصوات الانفجارات الهائلة التي هزت مدن وبلدات
ومخيمات اللاجئين في القطاع.
وأوضح قوته أن الأعراض النفسية التي ظهرت على
أطفال غزة جراء الشعور بالرعب والخوف الناجم عن القصف المتواصل، الذي يتمثل في
التبول اللاإرادي وقضم الأظافر والخوف من الليل، على اعتبار أنه مصدر الخوف والفزع،
والكوابيس الليلية المخيفة وآلام جسمية غير معروفة السبب، والبكاء
والانطواء.
وتوقع قوته أن يتطور لدى الأطفال الفلسطينيين المزيد من مظاهر
التدهور النفسي، مثل أظهار نوع من العنف في التعامل مع زملائهم، فضلاً عن عدم
القدرة على التركيز، وتدهور مستواهم التعليمي، مشيراً إلى أن الطفل الفلسطيني، الذي
يتعرض للتجارب الصادمة من خلال عمليات القصف يصبح أقل طاعة لوالديه، إلى جانب أنه
يفقد القدرة على التعامل معهما بانفتاح، وما يزيد الأمور خطورة حقيقة، بحسب قوته،
أن الكثير من أولياء الأمور في الغالب لا يولون أهمية لبروز هذه المظاهر، ولا يسعون
إلى معالجتها، بل إن منهم من يعمل على زيادة تدهور أوضاع أبنائه، من خلال تعنيفهم
لأطفالهم الذين تبدو عليهم مظاهر الخوف. وتوقع قوته أن تتفاقم أوضاع الأطفال في غزة
جراء عمليات القصف والتوغل الإسرائيلي.
وأفاد أنه خلال عمليات التوغل
والقصف، التي سبقت التهدئة ازداد عدد الأطفال الذين أصيبوا بصدمات نفسية بنسبة 30%،
مشيراً إلى أن حوالي 50% من الأطفال مصابون بصدمات نفسية من دون أن يعي ذووهم ذلك.
وما يزيد الأمور تعقيداً من وجهة نظره، هو المشاهد التي يراها الأطفال على شاشات
التلفزة، والتي تزيد من نسبة الضغوطات النفسية التي يعيشونها.
كابوس المدرسة
حق الطفل في التعليم وفي الاستمتاع بأهم مرحلة في
حياته "الطفولة"، كما ينادي بها خبراء حقوق الإنسان، ليس متوفراً لدى الطفل
الفلسطيني من سنوات طويلة ، إذ أصبحت المدرسة كابوساً يطل عليهم كل صباح ، وهم في
حالة تأهب كاملة للاستشهاد في أي وقت, فحسب شبكة فلسطين للأخبار،يقول الطفل يوسف،
ابن العشرة أعوام وهو يحمل لافتة كتب عليها "لا لقتل الأطفال"، "رغم أنني أعلم بأنه
لن يلتفت أحد إلى صوتي، لكنني لن أذهب إلى المدرسة، وأدعو كل أصدقائي إلى الاحتجاج
مثلي".
ويضيف قائلاً: "الجميع منهم أصيبوا بالطرش ولا يسمعون صرخاتنا
وآلامنا"، بحسب تعبيره ويقصد المسئولين. وأضاف "لقد فرحنا بعد انسحاب الجيش
الإسرائيلي من مدينتنا، بعد أن عشنا أيامًا من الرعب والخوف وكنا نأمل أن نبدأ حياة
جديدة فيها أمن".
أما الطفل أيمن، في الثانية عشرة من عمره، اعتاد أن يذهب
إلى مدرسته صباح كل يوم، حيث يتلقى دروسه، ويلعب ويلهو مع أصحابه يقول إنه أصبح غير
آمن على حياته، خاصة وهو يرى في كل يوم الأحداث الدموية التي يتعرض لها الأطفال،
والجرائم التي ترتكب بحقهم، مشيراً إلى أن صديقه أصيب بعيار ناري أثناء ذهابه إلى
المدرسة، حيث فتح ملثمون النار على أحد المواطنين في الشارع المجاور لمدرسته، مما
أدى إلى إصابته، وإصابة العديد من الأطفال الذين كانوا في طريقهم إلى المدرسة.وأوضح
أيمن أن المشاهد التي يراها ويسمع بها لا تفارقه حتى في منامه، الأمر الذي أصابه
بحالات فزع وخوف، لدرجة أنه أصبح يخشى الخروج من منزله.
في المقابل يسمع
كثيراً ، الطفل محمود "14 عاماً"، عن حالات القتل التي يقع ضحيتها الأطفال من أبناء
جيله دون أي ذنب اقترفوه، ولعل أبرز ما يجول بداخلهم عملية اغتيال أطفال العقيد
بهاء بعلوشة، حيث قتل الأطفال الثلاثة أثناء ذهابهم إلى مدرستهم، ووقعوا ضحية عدو
مجرم قضى على طفولتهم البريئة في لحظة واحدة.
يتساءل الطفل محمود: من الذي
يحمينا من هذه الجرائم ؟ لقد كنا نخشى على أنفسنا من جرائم الاحتلال الذي لا يفرق
بين صغير وكبير ويستهدفنا جميعاً، لكننا اليوم نخشى على حياتنا من العدو الذي يعيش
بيننا ويتربص بنا. مشيراً إلى أن المشاهد العنيفة التي يراها في الشارع، وصور
الملثمين، وأصوات الرصاص ساهمت في إصابته بتوترات نفسية وعصبية، حيث لا تفارقه هذه
المشاهد حتى في نومه.
وأوضح أن الكثير من زملائه يعانون من هذا الشيء، ومنهم
من أصيب بأمراض، مثل التبول اللاإرادي أثناء النوم.
اليونيسيف تعرب عن قلقها
رغم الدور الكبير الذي تلعبه منظمة الأمم المتحدة
للطفولة "يونيسيف"، في تحسين أوضاع الأطفال حول العالم بأسره، إلا أن موقفها تجاه
أطفال غزة لم يتخطى مرحلة الكلام والاحتجاج وإعرابها ، عن قلقها البالغ إزاء تأثير
العدوان الإسرائيلي المتواصل على الأطفال الفلسطينين في قطاع غزة .
كما حثت
المنظمات الدولية في بيان صادر عنها الثلاثاء "كل الأطراف" ، على الالتزام بالقانون
الدولي "لضمان حماية الأطفال وحصولهم على المساعدات الإنسانية الأساسية، حيث أن
أكثر من نصف سكان غزة من الأطفال ، "وفق تأكيدها".
كما قالت " قالت
اليونيسيف"، إزاء القيود المشددة التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على الإمدادات
الإنسانية إلى قطاع غزة الواقع تحت الحصار والعدوان، ، "إنه من الضروري أن تدخل
المساعدات الإنسانية، بما فيها الطعام والمعدات الطبية، إلى غزة لتلبية احتياجات
النساء والأطفال".
ولكن أطفال غزة يتساءلون : من يوقف الجرم الواقع علينا
؟
الملكة رانيا تلبي
نداء أطفال غزة
|
| |
| الملكة رانيا تبرع بالدم لأطفال غزة |
|
|
لم تصدر الملكة رانيا العبد الله، قرارات بمنح
لهؤلاء الأطفال المنكوبين، وإنما تخطت إطار المنشورات الرسمية إلى الفعل الحقيقي
ولبت نداء أطفال غزة ونسائها وشيوخها وشهدائها، لتتبرع بالدم ضمن الحملة الوطنية
الأردنية للتبرع بالدم التي أطلقها الملك عبدالله الثاني أول من أمس.
وعقب
تبرعها بالدم في مركز الأميرة إيمان بنت عبدالله الثاني بمدينة الحسين الطبية
تساءلت الملكة عن الوقت لإيصاله إلى المستشفيات هناك ؟" مستفسرة عن كيفية نقل الدم
إلى غزة وكم يحتاج من الوقت.
وكانت وزارة الصحة الأردنية تنفيذاً لتوجيهات
الملك عبدالله الثاني أعلنت أول أمس عن بدء حملة في جميع محافظات المملكة للتبرع
بالدم لمساعدة المستشفيات الفلسطينية في قطاع غزة ولمعالجة الجرحى .
كما
أعلنت الملكة رانيا أمس، بحسب جريدة "الغد" الأردنية، عن فتح باب التبرعات في مؤسسة
نهر الأردن لاستقبال الدعم النادي والمواد العينية لتقديمها إلى الأهل في
غزة.
إذ تقول في مقالة بعنوان "حين تعجز الكلمات ويبكي الصمت"، منشورة في
إحدى الصحف المحلية الأردنية : هذه المرة لم يطلب أهل غزة منا شيئاً، لم يشركونا
أساهم، لم يستنجدوا بنا، نحن البشر ، نحن إخوانهم. ارتفعت أيديهم إلى السماء
بالدعاء، لأن السؤال لغير الله مذلة ، وغزة لا تُذل".
وتضيف : "علينا أن
نثبت لغزة وأهلها أننا إخوانهم، وأننا معهم. وأن لوعة القلب تجاوز الإحساس إلى
الفعل. وفي هذا الموقف يكون اقتصارنا على الشعور بالأسى عاراً ، لأن مأساة غزة لا
تحتاج إلى التعاطف فالمرء لا يتعاطف مع أخيه حين يقع ظلم، بل يهب لنجدته .. فمن رأى
منكم منكراً .. ".
وتتابع : "هناك طرق كثيرة لتصويب المنكر ، طرق لا تتوقف
عند إلقاء اللوم، طرق لا يعيقها التخاذل، طرق تحوّل بكاءنا الغاضب يدا ممدودة تختصر
المسافات بين أصواتنا وهواء غزة.
أبطال لا أطفال
إذا كانت الغارات ترعب من دون العاشرة ، فهناك آخرون
لا يعتبرون أنفسهم أطفالاً إنهم لا ينتظرون نزهة نهاية الأسبوع وأحدث ألعاب البلاي
ستيشن والانترنت ، إنهم أبطال يهيبون عدوهم الذي يستميت ليبيدهم ، فهم أكبر مصدر
خطر بالنسبة له ، إذا شاهدت هذا الرابط ستدرك أنك أمام أبطال لا أطفال يتظاهرون من
أجل حقهم في الحياة .
http://www.alquds.com/node/1518